"التيه " الجزء الاول

 أمامك ورقة ناصعة البياض كالثلج ومحبرة والمطلوب ننك هو فقط الكتابة، وضع الريشة في المحبرة وغمسها حتى تبدأ بتحويل تلك الورقة البيضاء العذراء الى ورقة مدنسة بخطيئة الريشة ، فقط لتحرير مخيلة الكاتب لديك وافكارك المجنونة او العبقرية ، من المفيد دائما وجود تلك الاشياء بجانبك في كل وقت حنى لا تفقد عقلك وصوابك في اي لحظة تختار تقليل الضغط الواقع على جمجمتك ، يجب ان تشرع بإمساك ورقة وقلم وتكتب حتى لا يلتهمك شيطان افكارك وخيانة الواقع وزيف الحقيقة وكبت الحرية والمخاوف .كتاباتي لا تحمل سمة مميزة بعد او فلسفة خاصة بها ، ذلك وان الكتابة تنضج بنضج حامل الريشة والقلم ، لكنني اكتب على كل حال حتى اعبر عن الآهات التي  تخرج من الروح لتشكو وتتساءل :" أتعرف شعور ان تصل الى الحضيض ، ةن تكون غارقا في مستنقع حياتك تتمخض في الوحل كما يفعل اي خنزير؟!  او ان يدق قلبك بصعوبة ومع كل دقة يود لو يعلن استسلامه وهزيمته كجندي وقع في الاسر ، ان يتوق بشدة للاستسلام لكنه يعود من على الحافة ويتشبث بالقشة وسط دوامة افكاره وهواجسه التي قد يغرق فيها، ان تكون عالقا بين الاستيقاظ والنوم ، فلا تجد مفرا لك سوى البقاء في البرزخ رغم عدم وجود حياة او موت ، صدرك ممتلىء بكلمات محبوسة كقفير من الدبابير محبوسة في عش بدون مخرج، تنطق بكلمات لا صوت لها ، صمت مطبق وقلق يفوق حدود التحمل والوصف، تكره وتحقد على كل لحظة تبقى فيها حيا، انني بكتاباتي تلك اتذكر التيه وكم كنت غارقا فيه طوال حياتي وانني كنت ومازلت هشا سهل الكسر كغصن شجرة يابس لا تجد فيه شيئا من الحياة ...مرهق لأقصى حد ، اتساءل متى اخرج مما انا فيه وتنتهي معاناتي فلا اجد اجابة على سؤالي، او هي موجودة انامي لكني لا أستطيع قراءتها من بين سطور النصوص كطالب راسب في اختباراته طوال العام ، انني لا اجد وصفا لذاتي سوى ما قد يتفق مع دوستويفسكي عن وصفه لكائن صرصور في قاع مرحاض حياته البائسة....

في السابق ، كنت اجد ما اتحدث عنه في مقالاتي، فتارة كنت اكتب عن القمر، الحب ،الخيانة، قصص، واقتباسات ...الخ ، لكن الان بعد كل ذلك الانقطاع ماذا تبقى لي ؟! التيه ؟! الضياع ؟! اللاشيء ؟؟ بقايا شخص ود يوما ما ان يصير كاتبا ليعبر عما به من مشاعر متضاربة ومختلطة، خوف وحب،  قلق وحماس، الطموح والفشل، لطالما افتقدت تلك الأيام والليالي التي لم أنم بها بسبب وجود عدة افكار لمقالات وقصص وشخصيات للكتابة عنهم، كنت أستيقظ من النوم فقط لكتابة فكرة تلو فكرة لمقال ما اعجبني ان اكتب عنه ولم أطاوع نفسي قط لكتابة مسودة اولية خيفة ان يتسرب مني احساسي بالحاجة للنوم، انني كاتب او كنت كاتبا فيما مضى وما تبقى مني هو اشلاء من نفسي السابقة ، ولهذا اتعجب من حال الدنيا حقا، كيف تتحول من حال الى حال؟! .... انتهت 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

George R.R. Martin

The Cosmere Universe: A Comprehensive Overview

الأديب العظيم غابرييل غارثيا ماركيز