قصة الشيطان أسود
الفصل الأول:
كانت ليلة سماؤها ملبدةً بالغيوم، وتزأر بصوت الرعد كأنها تعلن الحرب على كل سكان الأرض، ثم ترسل الإشارة الأخيرة لإعلان الحرب ويومض البرق من فوقنا، كتحذير أخير لهطول جيوشها الجارفة علينا، صوت المطر يضرب زجاج النوافذ، يريد اختراقه لاحتلال المنزل وإغراقه، الهواء يهب بشدة حتى قد تظن أنه يريد أن يقتلع كل شيء من على وجه البسيطة، فقط لإثبات قوته.
بدأت قصتي في هذه الليلة، عندما كنتُ أسير في ممر ضيق لمنزل جدي القديم، ممر قديم مهترئ، في نهايته باب، قادني الفضول لفتحه، فكان جالسًا على الأرض هناك مقيدًا بسلاسل حديدية بيديه ورجليه في إحدى زوايا الغرفة التي يمر ضوء البرق علينا بين الفينة والأخرى، مُخرجًا إيانا من الظلمات إلى بعض النور.
ضحك عندما رآني بصوت مبحوح كمن لديه احتقان بالحنجرة، لم يكن مستغربًا وجودي كأنه كان يتوقع لقائي ورؤيتي على العكس مني تمامًا، كان منظره يثير النفور والرعب.
كان يتمتم بعبارات لم أفهم معناها، شعرتُ أنه يريد أن يوصل لي رسالة ما، كان يقولها وقسمات وجهه تعلوها الابتسام.
وفي طرفة عين قد اختفى من أمامي، لم أحظَ بفرصة التلفت حتى وما لبثت أن شعرت بشيء دافئ يسيل من صدري، وصعوبة تنفس مفاجئة حتى أحسست أن نَفسي توقف.
فحاولت النظر لصدري فوجدت دمًا يسيل ويدًا تخترقني من ظهري إلى صدري، ثم سمعت ضحكته بصوته المبحوح واقترب من أذني، وقال شيئًا لم أفهم كنهه، ثم أخرج يده بحركة سريعة، تاركًا إياي أسقط على الأرض، ثم استيقظت فزعًا على سريري أصرخ بهستيرية.
بعد دقائق، فزع والديَّ إليَّ يُطّمئنوني حتى أهدأ، وأخبروني أنه مجرد كابوس مزعج ليس إلا، ثم في الصباح أعلمتُ والدتي بما حلمت به، قلقت أمي من هذا الحلم، ورأت أن في الأمر نذير شؤم، لا سيما أنها رأت منذ أيام، خربشة تشبه مخالب حيوان ضارٍ على ظهري ومقابلها على الناحية الأخرى في صدري، كان أبي يظن أنني تشاجرت مع زميل لي أو عدة زملاء، وهذا من وجهة نظره السبب الفعلي والتفسير، وحينما كان أبي يسمع تحاورنا عن كابوسي ظنّ أنني أود التغيب عن المدرسة بتلك الحجة ليس إلا، وقال: «لا يجب أن تدلليه هكذا، يجب أن يصبح رجلًا وألا يخاف بعد الآن». ولخوفي الشديد منه ذهبت يومها إلى المدرسة، فقد كان هذا النوع من الآباء القاسية قلوبهم.
وبعد تكرار الأمر بضعة مرات إضافية طوال ذلك الأسبوع، قلقت أمي وأخذتني إلى شيخ يسمى "عادل" كان يعروف عنه علاجه للمرضى بالرقية الشرعية، وفي أثناء جلوسي أمامه لعلاجي، أصبتُ بدوار ثم فقدت الوعي، وأُصبت بنوبة تشنجات حادة، فزعت أمي وفزع كذلك الشيخ، وحذر أمي من أن هذا شيء أكبر من قدرته، فأوصانا بالذهاب لصديق قديم له، يعيش في إحدى قرى صعيد مصر فهو أكثر خبرةً منه.. يُتبع.
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا لدعمنا و أخبرنا رأيك